وقفة
عشق البنات لهويدا صالح إنها رحلة من نوع خاص تسافر فيها مع الكاتبة عبر مشاعر ملتهبة .. ولهفة حانية .. وخوف لعين ( من كل السلكة الذكورية .. في الأب / الأم / الأخ / المدرسات / وآخرين كثيرين مرضى بالسيطرة وذبح المشاعر ) لكن لا سبيل لإزالة المشاعر ! إن قمعها .. أو إخفاءها .. أو الخوف من ظهورها .. كل ذلك يزيدها قوة وتوهجا والمرأة التي تعلمت من حرمان وقهر القرون .. هي عالم موجع .. تغوص فيه الكاتبة براعة رسام قدير .. يضع عشرات الاسكتشات الكاشفة .. دون ثرثرة ـ لفتيات الثانوي .. وتشم منه عبق سحر الانجذاب .. سحر اكتشاف الجسد .. سحر الحب .. سحر التخفي .. سحر مجون الصغيرات معا .. سحر استيقاظ رغبات حلوة .. ممتعة .. ومشوشة ! طبيعية أو سحاقية .. أو بين هذا وذاك .. والمرأة ـ رغم كل شيء ـ محصنة من الكراهية والمرارة ، حتى من قسوة الأهل .. أو فظاظة زوج تحبه .. متمنية فقط أن يشعر بها .. بتوقها للحنان والدفء .. وعندما يبلغ في فظاظته حد الضرب .. والإهانة ف ( 17 ) ، تعرف كيف تسامح .. وتتركه يبكي على صدرها كطفل ! ( إن كل الرجال أطفال بمعنى ما .. لهم قسوة الأطفال وضعفهم وتظاهرهم ) وفيض المشاعر ـ مكمن قوة الأنثى ـ يُغدق على الجميع .. أمومة .. وحنوا أو إشفاقا .. وعندما تعذبها حرماناتها الحارقة تصنع عالما موازيا .. تختبئ فيه ف ( 21 ) أساسه الأحلام " ساحة حريتها الكاملة .. وتحرير مشاعرها وجسدها .. من عبودية كونها امرأة ( ف 19 ) تذوب وتتماهى مع أبطال روايات .. وساحرات .. وعاشقات ، يخترق الأدب مسامها ، وحتى ذلك لن تعدم من ينكره عليها !! فللرقابة ألف عين ساهرة .. تكاد تخترقها وتفضحها (!!) فالأب ـ الذي يعلم كل شيء ( ف 19 ) سيعلم بالتأكيد ، صورة الأب صورة مركبة ، مهما كانت قسوته ، فهي تحبه .. وتحنو عليه بلا حدود .. حتى في أحلامها حين تنتقده على قسوته .. فيبكي ! فتكفكف دموعه .. وتحتضن حزنه ، كل تلك المشاعر الزخمة ستشعر بها وأنت تستمتع بـ ( عشق البنات ) ولا أقصد ـ هنا ـ إلا تقديم لمحة منه ، فهو مركز .. محكم .. رشيق العبارة .. شيق .. وساخر جدا في بعض أجزائه ، يتعامل مع المعضلات الإنسانية .. بسلاسة وبساطة وصراحة نادرة . ولا أملك إلا أن أشكر هويدا ، أن أتاحت لي هذه المتعة النادرة في قراءة ( عشق البنات ) .. ومتعة أخرى في الكتابة عنه .
خالد جويلي
البديل
19 ديسمبر 2008