ذكريات جسد
1
لأنها وقفت مرة أمام المصوراتي
لامست أنامله نهديها ... ارتعشت
وبحثت في خوف عن عيون أبيها الذي كان يرقبها
ولما وجدته مطمئنا تماما
قالت ليت يده لم ترتفع إلي رأسي لتعدله قليلا
وليت ضوء الكاميرا لم يخفق سريعا
وفي الطريق إلي قريتها كانت تفتش في مسامها
عن أنامل الرجل الذي لمستها في عمقها المخبوء
2
حين وبختني المدرسة لأنني ألعب نط الحبل
لم أفهم جيدا سبب ثورتها المفاجأة
ولكنني أذكر خطوي المسرع وهي تشير بعصاها وتهددني
أنكمش في الدكة الخشبية في الفناء الخلفي
لا أسمع صوت زميلاتي وهن يثرثرن
فقط كنت أحاول الفهم ما الخطأ الشنيع الذي ارتكبته لتشير علي بقسوة هكذا
3
علي دكة الحزن التي جلسنا عليها طويلا في حصة الألعاب
كنت أرقب العصافير
وأستمع إلي طنين النحلات التي تسكن أشجار الياسمين القصيرة
ولكنني لم أذهل لحظة عن الصبية الذين يتقافزون في حرية بالقرب منا
الفتيات الصغيرات يهمسن في وداعة
يصفن خشونة الأولاد في اللعب
ويخبئن خجلهن حين يلتفت إلي عيونهن الأولاد
لكنهن لم يعرفن كيف يواجهن عيون المدرسات اللاتي تراقبهن
فقط حلمن بالقفز واللعب
وفقط قالت المدرسات كلاما غير مفهوم عن عفة يخشين ضياعها
وبراءة يجب أن يحافظن عليها
4
فقط للبنوتة سحر وفيض
والقلب لم يعرف الحزن
والخوف لم يعرف كيف يعشش في الروح
فقد قاومت البنت قسوة من يخافون عليها طوال الوقت
لعبت وجرت
وتحملت توبيخ الجميع
وأعطت لليد فرصة للملامسة
والروح فرصة للفرح
ولكنها في النهاية استكانت
حين امتدت أيد آثمة لجس مخبوئها
لقياس عفتها
لسجن روحها
فنسيت أغنياتها .. وتكسرت عذوبة ألحانها
ولكنها خبأت تشوفها تحت استكانة مدعاة
5
حين فاجأتها دماء قانية في ثوبها
لم تفكر إلا في صرخاتهم ومذابحهم
ارتبكت وهي تعيد علي مسامع أمها تفاصيل يومها
حلفت كل الأيمان أنها لم يلمسها بشر
وأن ثوب عفتها ما زال يسترها
وأن دقائق فرحتها لم تطل عمقها
وأن الصباحات مخنوقة بكل النصائح اللازمة
وحين ابتسمت أمها وربتت علي أنوثتها التي تتفتح
خبأت دهشة وفرح
وفي الصباح حكت لصديقاتها عن دهشتها .
هويدا صالح
هناك 3 تعليقات:
عزيزتي هويدا
مجموعه من الأحاسيس و المشاعر قمتي بصياغتها بطريقه جميله و مشوقه
استمتعت بقراءتها
لديكي موهبه بارعه عزيزتي في كتابه القصص بحييكي عليها
العزيزة اجندا
مساؤك جميل
أشكر لك مرورك وتقديرك أيتها الغالية
أصبح الجمال الأدبي في إبداء إنسانية الإنسان، في ضعفه وقوته.
ولكن أود أن أطرح تساؤلا يفرض نفسه في مجتمعاتنا التي لازالت الطابوهات تسيرها وتسيطر عليها:
ألا تخشين ممن يحاولون قراءتك بدلاً من قراؤة النصوص؟؟؟
إرسال تعليق