الخميس، 29 يناير 2009

عشق البنات تحرر الروح .. تحرر الجسد

وقفة
عشق البنات لهويدا صالح إنها رحلة من نوع خاص تسافر فيها مع الكاتبة عبر مشاعر ملتهبة .. ولهفة حانية .. وخوف لعين ( من كل السلكة الذكورية .. في الأب / الأم / الأخ / المدرسات / وآخرين كثيرين مرضى بالسيطرة وذبح المشاعر ) لكن لا سبيل لإزالة المشاعر ! إن قمعها .. أو إخفاءها .. أو الخوف من ظهورها .. كل ذلك يزيدها قوة وتوهجا والمرأة التي تعلمت من حرمان وقهر القرون .. هي عالم موجع .. تغوص فيه الكاتبة براعة رسام قدير .. يضع عشرات الاسكتشات الكاشفة .. دون ثرثرة ـ لفتيات الثانوي .. وتشم منه عبق سحر الانجذاب .. سحر اكتشاف الجسد .. سحر الحب .. سحر التخفي .. سحر مجون الصغيرات معا .. سحر استيقاظ رغبات حلوة .. ممتعة .. ومشوشة ! طبيعية أو سحاقية .. أو بين هذا وذاك .. والمرأة ـ رغم كل شيء ـ محصنة من الكراهية والمرارة ، حتى من قسوة الأهل .. أو فظاظة زوج تحبه .. متمنية فقط أن يشعر بها .. بتوقها للحنان والدفء .. وعندما يبلغ في فظاظته حد الضرب .. والإهانة ف ( 17 ) ، تعرف كيف تسامح .. وتتركه يبكي على صدرها كطفل ! ( إن كل الرجال أطفال بمعنى ما .. لهم قسوة الأطفال وضعفهم وتظاهرهم ) وفيض المشاعر ـ مكمن قوة الأنثى ـ يُغدق على الجميع .. أمومة .. وحنوا أو إشفاقا .. وعندما تعذبها حرماناتها الحارقة تصنع عالما موازيا .. تختبئ فيه ف ( 21 ) أساسه الأحلام " ساحة حريتها الكاملة .. وتحرير مشاعرها وجسدها .. من عبودية كونها امرأة ( ف 19 ) تذوب وتتماهى مع أبطال روايات .. وساحرات .. وعاشقات ، يخترق الأدب مسامها ، وحتى ذلك لن تعدم من ينكره عليها !! فللرقابة ألف عين ساهرة .. تكاد تخترقها وتفضحها (!!) فالأب ـ الذي يعلم كل شيء ( ف 19 ) سيعلم بالتأكيد ، صورة الأب صورة مركبة ، مهما كانت قسوته ، فهي تحبه .. وتحنو عليه بلا حدود .. حتى في أحلامها حين تنتقده على قسوته .. فيبكي ! فتكفكف دموعه .. وتحتضن حزنه ، كل تلك المشاعر الزخمة ستشعر بها وأنت تستمتع بـ ( عشق البنات ) ولا أقصد ـ هنا ـ إلا تقديم لمحة منه ، فهو مركز .. محكم .. رشيق العبارة .. شيق .. وساخر جدا في بعض أجزائه ، يتعامل مع المعضلات الإنسانية .. بسلاسة وبساطة وصراحة نادرة . ولا أملك إلا أن أشكر هويدا ، أن أتاحت لي هذه المتعة النادرة في قراءة ( عشق البنات ) .. ومتعة أخرى في الكتابة عنه .
خالد جويلي
البديل
19 ديسمبر 2008

الجمعة، 9 يناير 2009

في عشق البنات / منى الشيمي

في عشق البناترواية تغرف من الحياة، تكاد تضعك بين الشخوص، تساهم في تحريكها، تجادلهم، تكون جزءا من تاريخهم، وبالتالي تشاركهم في رسم ما سوف يفعلونه، وتغفر أخطاءهم، المدرسة التي تجمع الكثيرين ( سواء معلمين أو طلاب)بين جدرانها، حياة زاخمة، شخوص متباينة، عالم صغير فيه الحدود قائمة بين المجتمع الذكوري والمجتمع النسوي، التباين القائم بين امرأة والمرأة الأخرى، ذلك الصراع الصامت الناتج من اختلاف التوجهات والقناعات، ليس صراعا بينيا فقط، بل صراع داخل كل شخصية، صراع بين الأبيض والأبيض فيها، وبين الأسود والأسود، وبين الاثنين، صراع لا يظهر على السطح، لكنه يظهر من ردة فعل، من تجاهل، من صمت هائل، ومن نشاط زائد، وربما من حب مبالغ فيه.استطاعت هويدا صالح بتقنية القصص القصيرة داخل الرواية أو "الاسكتشات" غير الكاملة، أن تقدم لنا نماذج عديدة لنسوة وقعن تحت قهر ما، ليس قهرا ذكوريا على الدوام، ربما هو قهر الإحباط، الناتج من أن المستقبل لم يكن مطابقا للمستقبل الذي رسمن له في خيالهن صورا، في كونهن أجلن الشعور بالسعادة إلى مرحلة عمرية، وعندما جاءت هذه المرحلة لم يجدنها. لكل منهن خيبة لا تقل في فداحتها عن خيبة الأخرى، يجلسن في غرف المدرسة يتباهين بخيباتهن – إن جاز التعبير- فمجتمعنا مازال يحرض على الخديعة، لا يرى خطرا في تشوه شخوصه، لكنه يحرم الاعتراف بهذا التشوه. على هذا النهج سارت الرواية، على هذا النهج تربينا، وإن لم نربِ الأجيال الجديدة على هذه الأسس، تعلموها بالتجربة.حقيقة وضعتني الرواية عند فكرة؛ هل يجب أن ندرسَ علم النفس وعلم الاجتماع لكتابة رواية؟ كي تخرج الشخصيات مقنعة قدر الإمكان، أم نخلص عند الكتابة فنخلق شخصيات جديدةً، لها صدقها الخاص داخل كردون الرواية، بعيدا عن صدق شخصيات الواقع. كان المثال المصري في مصر القديمة حريصا على دراسة تشريح الجسم البشري ليظهر تمثاله في أبهى حلله، لكنه مهما برع في نحت التمثال وفي محاكاة الواقع لم يكن يبلغ براعة الجسم البشري نفسه، وظل التمثال تمثالا، لذا لدي قناعة أن نترك القلم لينفلت قليلا، ولا نهتم بكتابة الواقع كما هو، فالكتابة بعيدا عن محاكاة الواقع هي خلق لواقع جديد أيضا..وإذا كانت هويدا صالح درست نفسيات شخصياتها دراسة مستفيضة فجاءت الشخصيات مقنعة في تشوهها، مطابقة لزيف هذا الزمن، فقد برعت أيضا في نسج أحداث لا ترتبط بالواقع كثيرا، ولها صدقها الفني أيضا، بعيدا عن محاكاة هذا الواقع، هذا هو الفن.إذا كانت المؤسسة التعليمية زاخمة بكل هذا التشوه، فكيف يكون النشء سويا؟؟كيف نخلق جيلا قادرا على المواجهة إذا كان القائمون على تقويمه بحاجه إلى إعادة تأهيل؟ انتظروا إذن جيلا أكثر اغترابا من الجيل الذي تقلبون شفاهكم اندهاشا أمامه!. وإذا كانت المؤسسة التعليمية بمن فيها شريحة من هذا المجتمع فهل يعاني المجتمع من كل هذه التشوهات؟ هل نصبح ناجحين إذا تكيفنا مع إخفاقنا حتى نصل إلى مرحلة ألا نلحظه؟ أم في تشوهنا جمالا يجب أن يقبله الآخر كجزء لا يتجزأ منا؟. أسئلة تطرحها الرواية ولا تهتم بالإجابة عليها.هويدا صالح اعتقلت شخصيات أعرفها وتحيا حولي وتتنفس نفس الهواء في رواية، وربما كنت ضمن هذه الشخصيات ، لقد لمحت نفسي في عدة شخصيات، ربما انزلقت هذه الشخصيات من روايتها لتملأ العالم ضجيجا علّ أحد ما ينتبه إلى حجم معاناتهم..يتبع..منى الشيمي