الخميس، 18 يونيو 2009

هوية القدس الثقافية والعربية / مقالي في جريدة القبس / اليوم الخميس

هوية القدس الثقافية والعربية ...
هويدا صالح*
انطلاقا من فكرة دور الثقافة في الدفاع الحقيقي عن الوطن، ودور الثقافة في إثبات وتثبيت الهوية الثقافية للشعوب يأتي اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية لعام 2009، وهناك وجهات نظر متباينة حول جدوى هذا الاختيار، وجدوى فكرة عاصمة الثقافة العربية، وما يمكن أن تحققه من أهداف إلا أننا نرى أنه أمر له أبعاد معنوية ورمزية وسياسية كبيرة، فبعد هذا التقزيم للقضية الفلسطينية، وحصرها في أوسلو، وبعد تفريغ اهتمام العرب، كل العرب، وأعني حكومات وشعوبا، يأتي هذا الاختيار ليدق في قلوبنا ونفوسنا جرس الإحساس بالقدس ، ناسه وشعبه، قضيته وحربه. يأتي ليشعل في نفوسنا شعلة الالتفات لأرواح تزهق على بعد خطوات منا، أرواح أطفال وعجائز وشباب لو كانوا في وضع طبيعي تاريخيا وسياسيا لكانوا الآن يمارسون حيواتهم في فرح وبهجة مثل باقي شباب العالم .
يأتي الاختيار لتزهر أرواحنا وهي ترى الأطفال الفلسطينيين يصرون على الحياة رغم قسوتها، يرفعون شارات الأمل في وجه الطغيان .
حتما لن يسمح الكيان الصهيوني بأي أنشطة ثقافية بهذا المعنى في القدس، فالثقافة في مثل هذا الوضع هي في قلب الشأن السياسي في وقت يسعى فيه هذا الكيان إلى تهويد القدس وطمس هويتها العربية، غير عابئ بأي مناشدات لوقف هذا التهويد وإن جاءت من جهات متعددة وهو خرق لكل القوانين والأنظمة والمواثيق الدولية، وتعدٍ سافر على التاريخ، وانتهاك للحقوق.
وهنا يأتي دور العرب لاستثمار فكرة عاصمة الثقافة العربية لنعيد القدس وفلسطين إلى ضمير الأمة، لنشحذ الذاكرة العربية بفكرة النضال على كافة المستويات، ليس شرطا نضالا عسكريا نحمل فيه السلاح، لكن النضال في مجال الثقافة والحفاظ على الهوية لا يقل أهمية عن النضال العسكري. مما يدعو للأسف أن الجيل الصاعد للشباب العربي لا يحمل للقدس ذات القيمة التي نحملها دواخلنا ، فهم يشاهدون مشاهد القتل في التلفزيون ويشعرون بألم لحظي ، ثم ينتهي تأثير تلك المشاهد ، ويعاود الشباب حياته ، وكأن لم يروا قتلى في الجوار هناك تتمزق أشلاؤهم ، وكأن لم يروا أطفالا صغار تقف في وجه الآليات العسكرية في صمود يدعو للفخر . أحداث أقل مما حدث في غزة منذ شهور كانت كافية في وقت من الأوقات لتشعل الجامعات والمساجد تظاهرات ، ورفض حقيقي ، لكن وتحت وقع تهميش صورة القدس ، واستلاب الإعلام الموجه لوعي الشباب، وتفريغ القضايا الكبرى من معانيها صارت هذه المشاهد تثير الشفقة فقط في القلوب دون أن تتحول لفعل جاد مساندة للفلسطينيين في محنتهم التاريخية .
ها هي الفرصة سانحة لنقول لهؤلاء الصغار أن القدس وفلسطين جزء لا يتجزأ من هويتنا العربية، وأننا لا يكفي أن نمصمص شفاهنا ألما وتعاطفا، بل علينا أن نضطلع بدور حقيقي كان لنا يوما، دور المدافع عن الحق، دور المناهض للذل والهوان، دور الرافض للمهانة.
هي لحظة مهيأة لندافع عن تقطيع أوصال الوطن الفلسطيني الذي يحاول الاحتلال أن يقطعه إلى ضفة وغزة، ويحاول جاهدا ذلك الاحتلال أن يسلب القدس هويتها، أن يهوّدها، أن يقضي على عروبتها .
هي فرصة سانحة للتركيز على القدس وحاضرها ومستقبلها وهويتها العربية وتاريخها الحضاري، وهي من خلال هذا التركيز تجعل القضية حية في الأذهان، وترسخها في الذاكرة، وتفتح عقول الشباب العربي على مكانة القدس ودورها. لكي يستلهموا من ذلك نضال القدس، ونضال فلسطين، ونضال الشعب الفلسطيني، ولكي تكون .
هذه الفكرة تتيح لنا التركيز إعلاميا على حاضرها وماضيها ومستقبلها، وتدفع عن هوية القدس التهميش والتهويد .
كاتبة من مصر

هناك 3 تعليقات:

Unknown يقول...

عجبت من ان تختار جامعة الدول العربية القدس عاصمة للثقافة العربية .. ثم تصمت وهي تعلم ان القدس محتلة ولن تقوم بالفاعليات بدون دعم
يبدو ان الجامعة اتعدت من وجودها بالقاهرة بالنظام المصري .. فشخرة بق .. أو كما يقول اللبنانيون ( طق حنك )
سعدت بزيارة المدونة الكريمة والتعليق على هذا الموضوع الهام

ويبقى التواصل

عماد خلاف يقول...

مدونة رائعة وصاحبتها تحمل الكثير من الافكار والرؤى المتميزة
الى امام دائما
تحياتى لحضرتك وارجو التواصل
انا لدى مدونتين واحدة للقصة القصيرة رقصة الموت البطئ
والتانية للمقالات بحلم ببكرة ارجو التواصل
وشكرا
http://emadkhalaff.blogspot.com/

أسماء علي يقول...

عجبني المقال يااستاذتنا
فعلاً الجيل الحالي لا يحمل للقدس ذات القيمة
و للأسف لا يحمل بداخله الكثير من القيم و القضايا التي كان يجب أن تكون شاغلة تفكيره و مواقفه

...

كل عام و أنتِ بألف خير و سعادة

رمضان كريم
:)